مقدمة :
يتناول الإنسان طعامه المحتوي على مركبات مختلفة, منها أنواع غنية بالطاقة ( الكربوهيدارت والدهون ) ويتخلف عن أكسدتها ثاني أكسيد الكربون وماء. وأنواع بانية لأنسجة الجسم( البروتينات). الزائد منها لا يخزن كما يخزن الزائد من مواد الطاقة وإنما يقوم الجسم بعملية هدم تحدث أساساً في الكبد. وتنتهي بتكوين البولينا التي يتراوح معدلها الطبيعي في الدم بين 8 - 20 ملليجراماً في كل 100سم3.
وتقوم الكليتان بتخليص الجسم من المقدار الزائد منها. أما إذا عجزت الكليتان عن ذلك فإن البولينا تتراكم ويصاب المريض حينئذ بأعراض أقرب إلى التسمم مثل فقدان الشهية والقيء والإسهال والتشنجات العضلية.
ويتناول الإنسان أيضاً أملاحاً معدنية جسمه في حاجة إلى كميات محدودة منها وكذلك الماء, فمع أن له دوراً رئيساً في كل العمليات الحيوية إلا أن ازدياد كميته في أنسجة الجسم قد يسبب أعراضاً خطيرة منها الغثيان وتشنجات وغيبوبة.
وهذه المواد سواء السام منها كالبولينا أو الضار كالأملاح الزائدة أو الزائدة كالماء, هي نفايات إذا بقيت في الجسم تراكمت وسببت تغيراً في تركيز المحاليل المحيطة بالخلايا مما يؤدي إلى اختلال اتزان البيئة الداخلية للجسم لذلك لا بد من أن تخرج.
إخراج البول:
أعضاء الإخراج الرئيسة عند الإنسان هي:
الرئتان: لإخراج غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء.
الكبد: تخرج أصباغ الصفراء الناتجة من تحلل هيموغلوبين الدم.
الكليتان( الجهاز البولي): فهو المختص بإخراج النفايات النيتروجينية والماء الزائد والأملاح.
مم يتركب الجهاز البولي؟
يتركب الجهاز البولي من الأعضاء التالية:
الكليتان: للإنسان كليتان تتصلان بالجدار الظهري لتجويف البطن بارتباط غير وثيق بوساطة نسيج ضام ووسائد من الدهون. وأنك إذا وقفت قائماً ووضعت يديك على خاصرتيك جاعلاً إبهاميك تتقابلان خلفاً عند العمود الفقري فإن كليتيك تقعان فوق إبهاميك- الكلية اليمنى أسفل قليلاً من اليسرى ( لماذا؟ ) لوجود الكبد في الجهة اليمنى.
عند فحص قطاع في كلية الإنسان نتبين ثلاث مناطق هي:
خارجية وتعرف بالقشرة( Cortex): وهي ذات مظهر حبيبي.
داخلية أكثر سمكاً تعرف بالنخاع (Medulla) : وتترتب على شكل مجموعات تمتد للداخل على شكل بروزات تعرف باسم أهرام ملبيجي ويبدو كل هرم مخططاً طولياً.
حوض الكلية (Pelvis) : ويشكل الجزء الداخلي للكلية, وهو تركيب مجوف.
الحالبان: والحالب أنبوب ضيق طوله نحو 25 سم يحدث جداره العضلي حركة دودية تدفع قطرات البول نحو المثانة.
المثانة: كيس عضلي مرن يتجمع فيه البول من الحالبين.
والجزء الأخير من الجهاز البولي هو قناة البول الذي يجري فيه البول من المثانة إلى الخارج بعد أن تطلق سبيله العضلة العاصرة.
تركيب الوحدة الأنبوبية الكلوية :
إن بناء الكلية الدقيق يتألف من حوالي 1.3 مليون أنبوبة مجهرية ( وحدة من وحدات الترشيح ) المعروفة باسم النفرونة Nephron . والنفرونة أنبوب كثير التعرج والانثناء ينتهي طرفه بجسم يشبه كأساً كروية مزدوجة الجدار تعرف باسم كرية ملبيجي أو محفظة بومان Bowman's Capsule ويوجد داخل المحفظة كبة ( glomerulus ) من الشعيرات الدموية.
أما ساق الكأس الجوفاء فإنها متصلة بأنبوب دقيق كثير التعرج منثن على نفسه يسمى الأنبوب البولي ويقسم إلى ثلاث أجزاء:
الأنبوب الملتوي القريب Proximal Convoluted Tubule : وهو متصل بمحفظة بومان.
إلتواء هنلي Henle's Loop : وهو امتداد للأنبوب الملتوي القريب ويكون على شكل حرف U.
الأنبوب الملتوي البعيد Distal Convoluted Tubule : وهو بعيد عن محفظة بومان ، يتسع قطر الأنبوب البولي ليفتح في قناة مشتركة تسمى القناة الجامعةCollecting duct وهي أنبوب مستقيم تفتح بفوهة صغيرة في حلمة الهرم الذي تتبعه.
تكوين البول :
- يأتي الدم إلى الكلية عن طريق الشريان الأبهر الذي يعطي شريانين كلويين, واحد لكل كلية.
- يتفرع الشريان الكلوي إلى أفرع صغيرة يعرف كل منها
بالشريين الوارد.
- يتفرغ الشريين الوارد داخل محفظة بومان إلى شبكة دقيقة من الشعيرات الدموية تشكل
الكبة. يتم فيها عملية الترشيح.
- تتجمع الشعيرات مرة ثانية وتخرج من محفظة بومان لتكون
الشريين الصادر الذي يتفرع عن أفرع تلتف ثانية على الوحدة الأنبوبية.
تشمل عملية تكوين البول ثلاث خطوات رئيسة متتابعة هي:
1- الترشيح Filtration
مرور الدم في شبكة الشعيرات الضيقة داخل محفظة بومان وخروجه من وعاء أضيق يرفع ضغطه, وقوة هذا الضغط تدفع جزءاً من الدم إلى الرشيح خلال جدر الشعيرات والجدار الداخلي الرقيق لمحفظة بومان الذي تلاصقه تماماً ثم يمر الرشيح من تجويف جدار المحفظة المزدوج إلى الأنبوب البولي. هذا الرشيح يشبه بلازما الدم بصفة عامة, باستثناء جزيئات البروتينات وخلايا الدم التي لا تنفذ لكبر حجمها.
مكونات الراشح إذن هي: الماء, الأملاح المعدنية, الغلوكوز, الأحماض الأمينية والمواد النيتروجينية الضارة .
يقدر معدل تكوين الراشح في الكليتين بمقدار 125 سم3 في الدقيقة الواحدة, وبعملية حسابية بسيطة يتضح أن كمية الراشح التي تنتجها الكليتان في اليوم الواحد هي 180 لتراً ( 125 × 60 دقيقة × 24 ساعة = 180.000 سم3 )، هذه الكمية الهائلة لا تخرج من الجسم بالطبع, بل أن كمية البول التي تخرجها الكليتان فعلاً في اليوم الواحد هي 1.5 لتر فقط. وهذا يعني أن :
الراشح يتعرض لعملية تركيز هائلة في الأنبوب البولي, لكنها في الواقع ليست مجرد عملية تركيز بل هي ضبط دقيق يحدد ما يجب طرده في البول وما ينبغي الحفاظ عليه ورده ثانية إلى الشعيرات الدموية المحيطة بالأنبوب البولي.
2- الاسترداد بالامتصاص ( Reabsorption ):
تمتص خلايا الأنبوب البولي القريبة والتواء هنلي والأنبوبة البعيدة والأنبوبة الجامعة بطريقة انتخابية( أي بطريقة فيها تمييز وإختيار ) نحو 99% من السائل الذي تم ترشيحه وتعيده إلى الدم.
والمواد المستردة هي: كل الجلوكوز والأحماض الأمينية, معظم الماء والصوديوم وبعض الأيونات الأخرى وفقاً لحاجة الجسم بعدة طرق : الانتشار البسيط , الانتشار الإسموزي , النقل الإيجابي حسب طبيعة المواد وتركيزاتها المختلفة.
3- الإفراز الأنبوبي Tubular Secretion :
بالإضافة إلى عملية الامتصاص تقوم خلايا الأنبوب البولي بعملية مضادة وهي سحب بعض المواد من الدم وإفرازها في البول. وأهم هذه المواد المفرزة: الأمونيا, أيونات البوتاسيوم, الهيدروجين, السموم التي قد تصل مجرى الدم والمواد الغريبة مثل الساليسيلات (من الأسبرين) والبنسلين.
عملية الإفراز هي عملية نقل إيجابي تتطلب بذل الطاقة الضرورية لإحداثها.
بعد هذه الخطوات الثلاث مجتمعة يتم تركيز السائل وضبط كميات المواد الذائبة فيه فيسمى بولاً.
تنظيم عمل الوحدة الأنبوبية الكلوية Regulation of the Nephron's Function:
سبق أن عرفنا أن نسب المواد الموجودة في بلازما الدم محددة تحديداًَ متوازناً دقيقاً, وأن أي اختلال في نسبة بعضها قد يترتب عليه آثار مرضية خطيرة. وأن في الجسم أعضاء مثل الكبد والرئتين والجلد تعمل على ثبات بيئة الجسم الداخلية ولكن الكليتان تقومان بدور هام في المحافظة على هذا الثبات, فهما تحفظان للجسم المقادير المناسبة لكل ما هو لازم له وتخلصانه من كل ماهو زائد عن حاجته أو ضار به.
وللهرمونات دور هام في ضبط عمل الكليتين وضبط كمية الماء والأملاح في الجسم كما سيتضح الآن:
1- تؤدي عملية إعادة امتصاص الماء من الراشح إلى تغير حجم الدم وتغير ضغطه الأسموزي , أو تغيير مقدرا تركيز المواد المذابة في البلازما.
2- زيادة كمية الماء الذي أعيد امتصاصه تؤدي إلى زيادة حجم الدم وضغطه وانخفاض الضغط الأسموزي للدم.( يصبح الدم أقل تركيزاً ).
3- أن نقص كيمة الماء الذي أعيد امتصاصه يؤدي إلى نقص حجم الدم وزيادة تركيزه .
4- إن زيادة تركيز الدم سواء نتجت من :
نقص كمية الماء الذي أعيد امتصاصه.
نقص كمية السوائل التي يتناولها الشخص.
زيادة كمية الماء المفقودة من الجسم بشتى الطرق.
يؤدي كل ذلك إلى تحفيز عصبونات تقع في تحت المهاد تسمى المستقبلات الأسموزية Osmoreceptors
فترسل سيالات عصبية إلى النخامية الخلفية محفزة إياها لإفراز مخزونها من الهرمون المانع لإدرار البول anti- diuretic hormone (A.D.H) يعمل هذا الهرمون على زيادة نفاذية الأنبوبة الملتوية البعيدة والقناة الجامعة للماء لإعادة إمتصاص الماء من هاتين المنطقتين نحو الدم. يؤدي ذلك إلى زيادة حجم الدم ونقص الضغط الأسموزي وتخفيفه ونقص كيمة البول الخارج.
نقص أيونات الصوديوم من الدم وخروجها إلى الرشيح يحفز خلايا متخصصة في الشريين الوارد لإفراز هرمون الرنين
(renin) الذي يحفز بطريق غير مباشر خلايا في قشرة الغدة الكظرية لتفرز هرمون الدوستيرون aldosterone الذي يؤثر في الأنبوب الملتوي البعيد الذي يعمل على إعادة امتصاص أيونات الصوديوم من الراشح وإعادة امتصاص الماء معها- وهذا يؤدي إلى زيادة حجم الدم وضغطه.
الكلى والمرض :
إن فحص البول ينبئ عن كثير من الأمراض التي تطرأ على الجهاز البولي أو غيره من أجهزة الجسم.
وعلى ذلك فإن كثرته أو قلته أو عدم صفائه أو تغير لونه أو اختلاطه بالدم أو وجود الصديد أو بويضات بعض الطفيليات مثل البلهارسيا علامات لمرض ما.
وظهور مواد الغذاء الثمينة في البول أيضاً من العلامات المرضية الهامة
:
وجود الغلوكوز في البول دلالة على الإصابة بمرض البول السكري.
ظهور الزلال ( البروتينات ) غالباً ما يدل على تلف قليل أو كثير في محفظة بومان.
ارتفاع نسبة حمض البوليك دلالة على الإصابة بمرض النقرس.
ارتفاع نسبة بعض الأملاح مثل إرتفاع نسبة أوكسالات أو فوسفات الكالسيوم أو أملاح حمض اليوريك أو عنصر الكالسيوم دلالة على تكون حصى الكلى
تم بحمد الله