ربما كان العنب من أقدم النباتات التي عرفها الإنسان، فلقد عرفت أنواع منه منذ عهد سيدنا نوح عليه السلام، وهو نبات متسلق عن طريق المحاليق المتحورة عن البراعم الطرفية ويتبع العائلة العنبية، والعنب الذي عرف الأقدمون قيمته الطبية وفوائده التي لا تحصى، ويكفى أن العنب من أفضل الفواكه وأكثرها منافع، فهو يؤكل رطباً ويابساً وأخضراً ويانعاً، وهو فاكهة مع الفواكه، وقوت مع الأقوات، ودواء مع الأدوية، وشراب مع الأشربة. العنب من أجود الفواكه غذاء، يسمن ويعالج الهزال، ويصفى الدم، وينظف القناة الهضمية، ونافع للأمراض المعدية والإمساك. لا يخلو كتاب من كتب الطب الشعبي من عشرات الوصفات العلاجية التي يدخل ضمنها العنب، ولكنى هنا أريد أن أركز على استخدامات (عصير العنب) في الطب الشعبي. يقول المجربون : إن تناول كوب من عصير العنب في الصباح قبل الإفطار وآخر في المساء قبل العشاء يساعد كثيراً في علاج مرضى البواسير وعسر الهضم وحصى الكلى والمرارة. وإذا كنت ممن أصيبوا بالأرق وتبحث عن النوم الهادئ فما عليك إلا أن تجرب تناول نصف كوب من عصير العنب وتستكمل الكوب بالماء الساخن قبل نومك بنصف ساعة. ولا يمكن أن نتحدث عن عصير العنب وننسى استخدامه كمرطب للوجه وصديق للجمال.
من المعروف أن أكثر العوامل البيئية تأثيراً على زراعة الفاكهة عموماً والعنب خصوصاً هى التربة التى ينمو فيها النبات، ويعيش ويستمد كافة إحتياجاته الغذائية والمناخ بعناصرة المختلفة من حرارة ورطوبة ورياح وضوء والتى تؤثر تأثيراً مباشراً على نمو النبات، وأن هذه العوامل تتداخل فيما بينها، وأن إرتباطها بشكل جيد يزيد من إنتاجية وجودة العنب، كما وأن التقلبات الجوية والسنوية تؤثر على نضج العناقيد، وبطريقة غير مباشرة، على تطور وانتشار الأمراض والأفات، فيؤدى إلى ظهور إختلافات فى نوعية العنب.
وأثبتت التجارب أن تعرض سطح التربة الزراعية للحرارة والرطوبة يؤثر على خواصها الطبيعية والكيميائية، كما يعرضها للتعرية وقد وجدأنهمن الأفضل زراعة محاصيل تغطية تحمى التربة، وجذور العنب من الجفاف والتعرض المباشر للضوء والحرارة، كماأن زراعة مصدات للرياح من شأنه حماية التربة والنباتات من العواصف الصحراوية الشديدة التى تقتلع الأشجار، وأوصت هذه الأبحاث بضرورة زراعة محاصيل تغطية شتوية حينما تتساقط أوراق العنب لتزيد من خصوبة التربة وتساعد على دوران العناصر بها ونشاط الكائنات الدقيقة النافعة ومكافحة الآفات وكذلك مصدات للرياح لحماية العنب من تساقط الأزهار والعقد وتثبيت التربة وحفظها من عوامل التعرية وبشرط توفير الإضاءة اللازمة للنبات لحاجتهإليها لأن التظليل يضرها كثيراً حيث لا يتحمل العنب سوى ظله فقط.
يُلقى البحث الضوء على جوانب من الإعجاز العلمى الذى تحدث عنهاالقرآن في وصف جنات العنب وطرق تصميمها بما يفوق ما تم التوصل إليه الآن )وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَالأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً (الكهف: 32، وما أثبته العلم الحديث من أهمية وضع سياج حول مزارع العنب لحمايتها من عوامل التعرية والعواصف الشديدة التى تؤدى إلى تحطم مزارع العنب مع عدم منع الضوء عنها لحاجتها إليه )وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ(، كذلك زراعة محاصيل التغطية )وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً(لم لها من اهمية فى حفظ جذور النباتات من التعرض المباشر للحرارة والضوء. الإعجاز فى قوله تعالى )وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (الكهف: 33 أن مزارع العنب فى إحتياجها للماء لا يكون فى صور أمطار خصوصاً في فصل الصيف لأنها تكون فى مرحلة الإثمار، فكانت مشيئه الله أن يتدفق نهر خلال الجنتين.